. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن شاء اللَّه بكم لاحقون)، فإن الخطاب مع من لا يسمع ولا يفهم مما لا يعقل وكاد يعد من العبث، وليس هذا مخصوصًا به -صلى اللَّه عليه وسلم- بل هي سنة مستمرة لمن يزور القبور، وجاء في حديث الترمذي (?) أنه لما زارت عائشة قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر خاطبته وقالت: واللَّه لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك، وقد ذكروا في توجيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (عليك السلام تحية الميت) أنه ليس المراد المنع من تحيته بالسلام عليك، بل المراد أنه لما لم يتوقع منه رد السلام استوى في حقه التقديم والتأخير، فيفهم منه أن السماع حاصل له لا الرد.
ونقل عن الشيخ ابن الهمام (?) في شرح (الهداية): أن أكثر المشايخ الحنفية على أن الميت لا يسمع، وقد صرحوا في (كتاب الأيمان): لو حلف لا يكلم فكلّم ميتًا لا يحنث، لأنها تنعقد على ما بحيث يفهم والميت ليس كذلك، وأجابوا عن حديث مسلم الناطق بسماع الميت قرع نعالهم بأنه مخصوص بأن الوضع في القبر مقدمة للسؤال وهو خلاف الظاهر، بل الظاهر أن هذه الحالة حاصلة له في القبر، ثم أجابوا عن هذا الحديث المذكور في الباب تارة بأن تلك خصوصية له -صلى اللَّه عليه وسلم- معجزة وزيادة حسرة على الكافرين، ولا يخفى أن الحمل على ذلك مجرد احتمال وتأويل لا يذهب إليه حتى يقوم دليل على استحالة السماع، واللَّه تعالى قادر على ذلك، وسببية الحواس للإحساس والإدراك عادية كما تقرر في المذهب، وأخرى بأن ذلك من ضرب المثل، وليس المراد حقيقة الكلام، وهذا أبعد من الأول، ومبنى الأيمان على العرف لا الحقيقة، فافهم،