فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُكَلِّمَ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ". وَفِي رِوَايَةٍ: "مَا أَنتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لَا يُجيبُونَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ. 1370].

وَزَادَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ قتادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنِقْمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا. [خ: 3976، م: 2875].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (ما تكلم من أجساد لا أرواح لها) قيل: (ما) استفهامية، و (من) زائدة لما في الاستفهام الإنكاري من معنى النفي، وقيل: موصولة، و (من) بيانية والخبر محذوف، أي: وهو لا يسمعون كلامك، وقيل: الخبر قوله: (لا أرواح لها)، وقيل: (أو) زائدة على مذهب الأخفش، والخبر هو (أجساد)، والأول الأظهر، وقال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (يا أهل القليب بئس العشيرة كنتم، كذبتموني وصدقني الناس، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه كيف تكلم أجسادًا لا أرواح فيها؟ فقال: ما أنتم بأسمع منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا شيئًا).

وقوله: (ما أنتم بأسمع منهم) مدلول هذه العبارة بحسب العرف أنهم أسمع منكم، ولئن ننزل عن ذلك فلا أقل من المساواة.

وقوله: (قال قتادة) جوابًا عمن يستبعد وينكر سماع الموتى.

اعلم أن هذا الحديث المتفق على صحته صريح في ثبوت السماع للموتى، وحصول العلم لهم بما يخاطبون، وكذلك حديث مسلم (?): (إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا)، وما جاء في زيارته -صلى اللَّه عليه وسلم- أهل البقيع والسلام عليهم، والخطاب معهم بقوله: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون، وإنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015