الْمُحْيِي، الْمُمِيْتُ، الْحَيُّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فهذا معنى حقيقة البعث المجرد لا أنه يعاد البدن المعدوم، ويركب من أجزاء أصلية معدومة بعينها، ولهذا المعنى شرح وتفصيل مذكور في كتبه فلينظر ثمة، واللَّه أعلم.
هذا وقد يحمل معنى المعيد على إعادة اللَّه تعالى للعبد عوائده وفوائده وألطافه وإحسانه، وقد أجرى اللَّه سنته بأن ينعم على عباده عَودًا على بدء، وهو رب العباد، رب العالمين، فيكون المبدئ بمعنى منشئ الإنعامات من الوجود ولوازمه، وهو مبتدئ النعم قبل استحقاقها، وحظ العبد من هذين الاسمين: أن يسعى في إبداء الخيرات، وتأسيس الحسنات، وإعادة ما انقطع عنها واضمحل.
اللهم يا مبدئ يا معيد، يا رحيم يا ودود، أغنني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، وخُصّنا بعوائد فضلك وإنعامك وكرمك وإكرامك، وأحينا على طاعتك، وأمتنا على دينك، واحشرنا في زمرة المتقين.
وقوله: (المحيي، المميت) الإحياء خلق الحياة في الجسم، والإماتة إزالتها عنه، وهو محيي قلوب العارفين بالإيمان والمعرفة، ومميت القلوب بالكفر والغفلة، وحظ العبد أن يسعى في إحياء قلبه بالمعارف الإلهية، وإماتة نفسه عن القوى الغضبية والشهوية، اللهم أحينا بالطاعات، وأمتنا عن الشهوات، وأبقنا بك وأفننا عنا، إنك المحيي والمميت والمبقي والمفني، وأنت على كل شيء قدير.
وقوله: (الحي) هو الفعّال الدرّاك، حتى إن من لا فعل له ولا إدراك فهو ميت، فالحي الكامل المطلق هو الذي يندرج جميع المدركات تحت إدراكه، وجميع الموجودات تحت فعله حتى لا يشذّ عن دركه مُدْرَك، ولا عن فعله مفعول، وذلك هو اللَّه فهو الحي المطلق، وكل حي سواه فحياته بقدر إدراكه وفعله، ومن عرف أنه الحي الذي لا يموت توكل عليه، ومن اعتمد على مخلوق، واتكل عليه ليوم حاجته،