القَيُّوْمُ، الوَاجِدُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

احتُمِلَ وفاته وقت حاجته إليه، فيضيع رجاؤه وأمله، والتخلق فيه أن يصير حيًّا باللَّه حتى لا يموت أبدًا، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [يُرْزَقُونَ]} [آل عمران: 169].

قال سيدي أحمد المعروف بابن زروق في (قواعد الطريقة في الجمع بين الشريعة والحقيقة): السبب في بقاء ذكر الفقراء أكثر من ذكر الفقهاء هو أن النسبة عند تحقيقها تقتضي ظهور أثر الانتساب، فالفقيه منسوب إلى صفة من أوصاف نفسه هي فهمه وفقهه المنقضي بانقضاء حسه، والفقير منسوب إلى ربه، وكيف يموت من صحَّتْ نسبته للحي الذي لا يموت بلا علة من نفسه، ولمَّا عمل المجاهد حتى مات شهيدًا في تحقيق كلمة اللَّه وإعلائها حسًّا ومعنى كانت حياته حسية معنوية كما أخبر به الكتاب العزيز، ولما عمل الصالحون بذلك معنى كانت حياتهم معنوية، بدوام كراماتهم وذكر بركاتهم على مر الدهور، قد مات قوم وهم في الناس أحياء، يا حي حين لا حي في ديمومة ملكه وبقائه، أحينا بالحياة الباقية الأبدية حتى نكون أحياء عندك مرزوقين فرحين بما آتيتنا من فضلك، إنّك أنت الحي لا يموت ولا يفوت.

وقوله: (القيوم) القائم بنفسه، والمقيم لغيره، الذي لا يُتصور للأشياء وجودٌ ولا بقاء إلا به، وليس ذلك إلا اللَّه سبحانه، وللعبد حظ منه بقدر استغنائه عما سوى اللَّه وإمداده للناس، ومن عرف أنه القيوم بالأمور كلها استراح عن كد التدبير وتعب الاشتغال، وعاش براحة في ظل التوكل والتفويض، يا حي يا قيوم يا حنان يا منان، نسألك أن تحصي قلوبنا بنور معرفتك، وأن نقوم بعبادتك، ويقوم عبادك بطاعتك، يا حي يا قيوم.

وقوله: (الواجد) هو الذي يجد كل ما يطلبه ويريده، ولا يعوزه شيء من ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015