الْوَكِيلُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام الغزالي (?): العبد وإن كان حقًّا فليس حقًّا بنفسه، بل هو حق باللَّه، فإنه موجود لا بذاته، بل هو بذاته باطلٌ لولا إيجاد الحق له. فقد أخطأ من قال: (أنا الحق) إلا بأحد التأويلين:
أحدهما: أن يعني أنه بالحق، وهذا التأويل بعيد لأن اللفظ لا ينبئ عنه، ولأن ذلك لا يخصه، بل كل شيء سوى الغض احق فهو بالحق. والتأويل الثاني: أن يكون مستغرقًا بالحق حتى لا يكون فيه متّسعٌ لغيره، وما أخذ كلية الشيء واستغرقه، فقد يقال: إنه هو، كما قال: أنا من أهوى ومن أهوى أنا، وعنى به الاستغراق.
اللهم أنت الحق، وكل ما سواك باطل بالحقيقة، أفض علينا من حقانيتك ونورانية وجودك، حتى نكون مستغرقًا في بحر عرفانك وشهودك، ونوِّر بنور اسمك الحق قلبَ عبدك حتى يصير عبدَ الحق حقيقةً ومعنًى، كما شرفته اسمًا وصورة، إنك على كل شيء قدير، وبإجابة دعاء الراجي جدير.
وقوله: (الوكيل) هو القائم بأمور العباد، وبتحصيل ما يحتاجون إليه، وقال الغزالي (?): هو الموكول إليه الأمور كلها، والمستحق بذاته أن [تكون] الأمور موكولة إليه لا بتوكيل وتفويض، وذلك هو الوكيل المطلق، والوكيل قد لا يفي بما وكل إليه وفاء تامًا، والوكيل المطلق هو الذي الأمور موكولة إليه وهو مَليّ بالقيام بها، وَفِيّ بإتمامها، وذلك هو اللَّه تعالى وحده، وحظ العبد: أن يكل جميع أموره إليه، ويتوكل بكليته عليه، ويستكفي بالاستعانة به عن الاستمداد بغيره.