الْقَوِيُّ، الْمَتِينُ، الْوَلِيُّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتخلق به: أن يقوم بأمور الناس، ويسعى في إنجاح مآربهم، وتحصيل مطالبهم، ويصير كأنه وكيل لهم، وأن يصير وكيل اللَّه سبحانه على نفسه في استيفاء حقوقه، واقتضاء أوامره ونواهيه، فيكون خصمه تعالى على نفسه، ولا يفتر عن ذلك لحظة.
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، وكن أنت وكيلًا لنا في جميع أمورنا، واجعلنا من المتوكلين عليك والمفوضين أمورنا كلها إليك، اللهم كن وجهي في كل وِجْهَة، ومقصدي في كل قصد، وغايتي في كل سعي، وملجئي وملاذي في كل شدة، ومهيمني ووكيلي في كل أمر، وتولني تَوَلّي محبة وعناية، فنعم المولى أنت ونعم الوكيل.
وقوله: (القوي المتين) القوة تدل على القدرة التامة الكاملة البالغة، والمتانةُ تدل على شدة القوة، واللَّه تعالى من حيث إنه بالغ القدرة تامُّها قويٌّ، ومن حيث إنه شديد متين فهو ذوالقوة المتين، ويرجع إلى معاني القدرة، وسيأتي ذكرها.
والتخلق: أن يقوى العبد على نفسه بحيث يغلب على هواها، ويكون قويًا في الدين ومتينًا في اليقين، اللهم إنا ضعفاء فقوِّنا، وإنا عاجزون فأقدرنا وانصرنا على نفسنا، وعلى جميع أعدائنا من الجن والإنس والشياطين، إنك أنت القوي المتين.
وقوله: (الولي) هو المحب الناصر، ومعنى محبة اللَّه قد عرف، وأما نصرته فلأنه يقمع أعداء الدين وينصر أولياءه، قال اللَّه تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257]، وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] أي: لا ناصر لهم، وقد يجيء الولي بمعنى متولي الأمور، وهو تعالى متولي أمور الخلائق مما يحتاجون إليه من أمور معاشهم ومعادهم، خصوصًا لعباده الصالحين ممن وكله وفوض أموره إليه.