فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعاءَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2735].
2228 - [6] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دعوةُ الْمُسْلِم لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (فيستحسر) أي: ينقطع ويملّ عن الدعاء ورجاءِ القبول، يقال: استحسر، بمعنى: أعيا وتعب، ولا ينبغي للعبد ذلك، لأن الدعاء عبادة تأخير، والإجابة لها وقت عند اللَّه وعوض في الآخرة، وبدل في الدنيا، واللَّه تعالى قد يحبّ الإلحاح من العبد.
قال الشيخ ابن عطاء اللَّه في (الحكم): لا يَكُنْ تأخُّر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبًا ليأسك، فهو قد ضمن لك الإجابة فيما يختار لك، لا فيما تختار لنفسك، وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
وقال بعض العارفين: فائدة الدعاء إظهار الفاقة بين يدي الرب تعالى، وإلا فهو تعالى يفعل ما يشاء.
وقال سيدي أحمد زروق في (شرح كتاب الحكم): الدعاء عبودية اقترنت بسببٍ كاقتران الصلاة بوقتها، ورتِّب عليها وجود الإجابة كترتُّب الثواب عليها من غير تقييد وتعيُّن، ولا توقيت، وقع في الحديث: (ما من عبد إلا وهو بين إحدى ثلاث: إما أن يعجل له طلبه، وإما أن يدخر له ثوابها، وإما أن يصرف عنه من السوء بمثلها)، فالإجابة حاصلة غير منحصرةٍ في عين المطلوب ولا غيره، ولا مقيدة بوقت، وإنما جعل اللَّه الإجابة في مختاره لا في مختار العبد، لأن العبد جاهل بمصالحه، قد يظن الشر خيرًا، ولإبقاء سطوة الربوبية واستيفاء أحكام العبودية لئلا يأمن العبد من فوات الأرب فلا يَصْدقَ في وجود الطلب، وليتحقق اضطرار العبد بنفي اختياره فيكون في بساط القربة ملازمًا قرع الباب الذي هو فائدة الدعاء في الحقيقة.
2228 - [6] (أبو الدرداء) قوله: (بظهر الغيب) أي: غائبًا وفي السر، والظهر