ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2690].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مكتوبًا لا محفوظًا، وكذا ما ورد في بعض الروايات: أنهم كانوا يحلفون من عنده أنه من القرآن، أو قام على ذلك شاهدان، والمراد به التأكيد والتحقيق والمبالغة في الاحتياط، وإلا فقد كان زيد وعدة من الأصحاب حافظين له، وقال الشيخ ابن حجر (?): المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب، وقال السخاوي في (جمال القراء) (?): المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال أبو شامة: وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا من مجرد الحفظ، قال: ولذلك قال في آخر سورة التوبة: لم أجدها مع غيره، أي: لم أجدها مكتوبة مع غيره؛ لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك مما عرض على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عام وفاته، وكل ذلك تأكيد ومبالغة في التحقيق والتفتيش، ذكر هذا كله السيوطي في (الإتقان) (?).
وأقول: لا شبهة أن القرآن كان معلومًا بالقطع، معروفًا عندهم، متميزًا عما سواه، وكان مجمعًا عليه مقطوعًا به لا أنه كان مشتبهًا، وكان بعضه عند أحد ولا يعرفه آخر، أو ينكر كونه قرآنًا، أو يثبت بالحلف أو الشهادة، حاشا من ذلك، وكانوا يُبدون عن تأليف معجز ونظم معروف، وقد شاهدوا تلاوته من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثًا وعشرين سنة، فكان عن تزوير ما ليس منه مأمونًا، وإنما كان الخوف من ذهاب شيء من صحيفة، ونقل السيوطي عن الحارث المحاسبي من (كتاب فهم السنن): كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقًا في الرقاع وغيرها، وإنما أمر الصديق -رضي اللَّه عنه-