. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا تعطل بهذا الحديث مع ضعفه ومخالفته للأحاديث الصحاح.
قال التُّورِبِشْتِي (?): والذي قاله أبو جعفر وإن كان قولًا مبنيًّا على قاعدة العلم مبذولًا في نصرة الحق، ولكنا نرى أن لا نتسارع إلى رد هذا الحديث وقد تيسر علينا تأويله وتخريج المعنى على وجه لا يخالف النصوص التي أوردها، وهو أن نقول: التضادُّ الذي جدَّ أبو جعفر في الهرب منه إنما نشأ من التأويل الذي نقل عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فأما الحديث نفسه فإنه محتمل لتأويل يمكن معه التوفيق بينه وبين النصوص التي عارضه بها أبو جعفر، وذلك أن نذهب في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا) إلى أنه سأل النجاة من التدمير بتلك الريح، فإنها إن تكن مهلكة لم تعقبها أخرى، وإن كانت غير ذلك فإنها توجد كرة بعد كرة، وتستنشق مرة بعد مرة، فكأنه قال: أفسح لنا في المهلة وانسأ لنا في الأجل حتى تهب علينا رباح كثيرة بعد هذه الريح، انتهى.
ولا يذهب عليك أن كلام الطحاوي إنما هو على القول بأن الريح تنحصر في الشر والعذاب على ما يدل عليه تأويل ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فإنه يعارض على هذا التقدير الآية والأحاديث المذكورة، ويلزم منه الرد على ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-, ولهذا حكم بضعف إسناد هذا الحديث مع ما اشتمل عليه من تأويل ابن عباس، وقال: لم يصح هذا الحديث من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا هذا التوجيه من ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، ففي الحقيقة كلامه في التأويل ورده بضعف الحديث، وإن كان له تأويل آخر؛ فلا كلام، فافهم.
وقال الطيبي (?): إن الريح والرياح إذا كانا مطلقتين كان إطلاق الريح غالبًا في