كما أن الصلاة إيمان فالصلاة أيضاً على الجانب الآخرة براءة من النفاق، فقد وصف الله المنافقين بأنهم كسالى عند قيامهم للصلاة، وأنهم يراءون الناس بها، يقول عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:142]، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة -وهذا من أحاديث الصفات، فنثبتها بلا تكييف وبلا تعطيل، بل كما يليق بالله جل جلاله- ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً) أي: كلما حاول المنافق يوم القيامة أن يسجد يعود ظهره طبقاً واحداً، وهذا الحديث أخرجه البخاري.
إذاً: السجود هو الذي ميز بين المؤمنين وبين المنافقين، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:42 - 43] أي: كانوا يدعون إلى السجود بالأذان في الدنيا، وذلك أن المؤمنين لما نظروا إلى ربهم خروا له سجداً، ودعي المنافقون إلى السجود فأرادوه فلم يستطيعوا، وحيل بينهم وبين ذلك عقوبة لهم؛ لأنهم كانوا يتركون السجود لله في الدنيا.