على من يكون الحج فرضاً؟
صلى الله عليه وسلم يكون فرضاً على من جمع خمسة أوصاف: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة.
فأما الإسلام: فإن الكافر لا يجب عليه الحج ولا يصح منه؛ لأننا نقول له: أسلم أولاً، ثم حج ثانياً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: (ليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) .
وبناءً على ذلك: لو أن رجلاً حج وهو لا يصلي فإن حجه غير صحيح وليس مقبولاً منه ولا مجزئ عنه، فإذا صلى دخل في الإسلام، وحينئذ نقول: يجب عليك أن تحج، فإذا قال: إنه قد حج، نقول: نعم.
لكن حججت في حال لا يصح منك الحج؛ لأنك حججت وأنت مرتد.
وأيضاً: لا يحل لك أن تدخل حدود حرم مكة، لأن الكافر لا يحل له أن يدخل حدود حرم مكة، وهو آثم من حينما يدخل إلى أن يخرج، آثم إثماً زائداً عن إثم الكفر، وهذه مسألة قلَّ من يتفطن لها، فالواجب التنبه لهذه المسألة، وأن يقال لمن عرف أنه لا يصلي: يا فلان! لا تتعب نفسك فإن حجك غير مقبول ولا مجزئ، ولو هداك الله إلى الإسلام ورجعت وصليت لوجب عليك أن تحج، لأن الحج الأول لم يجزئ فلا يسقط به الفرض.
الثاني: العقل وضده الجنون، فالمجنون لا يجب عليه الحج، ولا يحج عنه حتى لو كان عنده من الأموال الشيء الكثير، مثل: أن يكون أبوه قد ورَّث له مالاً ولكنه مجنون، فلا حج عليه، ولا يصح منه الحج، ولا يحج عنه؛ لأنه مجنون.
والثالث: البلوغ وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج، لكن لو حج فحجه صحيح، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم.
ولك أجر) لكنه لا يجزئ عنه، بمعنى: أنه إذا بلغ يجب أن يحج حجة الإسلام.
الرابع: الحرية بمعنى: ألا يكون الإنسان رقيقاً مملوكاً، فالرقيق المملوك لا حج عليه، لكن لو حج لصح حجه، وهل يجزئه عن الفريضة أم لا؟ فيه خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: يجزئه، ومنهم من قال: لا يجزئه.
الخامس: الاستطاعة، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] بأن يكون الإنسان عنده مال زائد عن حاجته وعن ديونه، قادراً في بدنه، فهنا يلزمه الحج ويلزم أن يبادر إلى الحج ولا يتأخر؛ لأن أوامر الله تعالى على الفور ما لم يدل دليل على التراخي، ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، قد يكون هذه السنة قادراً والسنة الثانية عاجزاً، وقد يموت، فعليه أن يبادر ولا يتأخر.
من الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإذا لم تجد المحرم فلا حج عليها، وإن حجت فهي آثمة، لو ماتت وهي غنية قادرة لكن ليس عندها محرم فهل تحاسب على ذلك أم لا؟ الجواب: لا تحاسب؛ لأنها لا تستطيع الوصول إلى البيت، من منعها؟ منعها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) أرأيت -لا قدر الله إلا الخير- لو أن عدواً في طرق مكة يمنع الناس هل يلزم الإنسان أن يحج؟ الجواب: لا.
لا يلزمه، فإذا كان العدو المانع حساً يسقط به فريضة الحج فالمانع شرعاً تسقط به فريضة الحج، فلتهنأ المرأة التي لا تجد محرماً، ولتطمئن، ولتعلم أن الله لن يحاسبها على ترك الحج، لأنها غير قادرة شرعاً.