كانت مكافأة ليده التي كانت له والولايات كلها لا يقصد بها مصلحة المولى بل مصلحة المسلمين عامة.
وكان أول ما ابتدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرضه وجع رأسه ولهذا خطب وقد عصب رأسه بعصابة دسماء وكان صداع الرأس والشقيقة يعتريه كثيرا في حياته ويتألم منه أياما وصداع الرأس من علامات أهل الإيمان وأهل الجنة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه وصف أهل النار فقال: "هم الذين لا يألمون رؤوسهم" ودخل عليه أعرابي فقال له: "يا أعرابي هل أخذك هذا الصداع"؟ فقال: وما الصداع؟ قال: "عروق تضرب على الإنسان في رأسه" فقال: ما وجدت هذا فلما ولى الأعرابي قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا" خرجه الإمام أحمد والنسائي.
وقال كعب: أجد في التوراة لولا أن يحزن عبدي المؤمن لعصبت الكافر بعصابة من حديد لا يصدع أبدا وفي المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدأ فيه فقلت: وارأساه فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك فقلت: غيراء كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك فقال: "أنا وارأساه ادعو لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" وخرجه البخاري بمعناه ولفظه: أن عائشة رضي الله عنها قالت: وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر وأدعو لك قالت عائشة: واثكلاه والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل أنا وارأساه" وذكر بقية الحديث.
وفي المسند أيضا عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر ببابي كثيرا ما يلقي الكلمة ينفع الله بها فمر ذات يوم فلم يقل شيئا مرتين أو ثلاثا قلت: يا جارية ضعي لي وسادة على الباب وعصبت رأسي فمر بي وقال: "يا عائشة ما شأنك"؟ فقلت: أشتكي رأسي فقال: أنا وارأساه فذهب فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء فدخل علي فبعث إلى النساء وقال: "إني اشتكيت أني لا أستطيع أن أدور بينكن فأذن لي فلأكن عند عائشة" وفيه أيضا عنها قالت: رجع إلي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وارأساه ثم قال: "ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك" فقلت: لكأني بك والله لو فعلت ذلك لقد.