رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكان عنده قدح من ماء فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول: "اللهم أعني على سكرات الموت" قالت: وجعل يقول: "لا إله إلا الله إن للموت لسكرات" وفي حديث مرسل أنه قال: "اللهم إنك تأخذ الروح من بين العصب والقصب والأنامل اللهم فأعني على الموت وهونه علي" ولما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب قالت فاطمة عليها السلام: واكرب أبتاه فقال لها: "لا كرب على أبيك بعد اليوم" وفي حديث خرجه ابن ماجه: أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "إنه قد حضر من أبيك ما ليس الله بتارك منه أحد الموافاة يوم القيامة".
ولم يقبض صلى الله عليه وسلم حتى خير مرة أخرى بين الدنيا والآخرة قالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير" فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى" فقلت: الآن لا يختارنا وعلمت أنه الحديث الذي كان يحدثناه وهو صحيح فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها وفي رواية أنه قال: "اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى" وفي رواية "أنه أصابه بحة شديدة فسمعته يقول: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} [النساء: 69] قالت: فظننت أنه خير، وهذه الروايات مخرجة في صحيح البخاري وغيره.
وقد روي ما يدل على أنه قبض ثم رأى مقعده من الجنة ثم ردت إليه نفسه ثم خير: ففي المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من نبي إلا يقبض نفسه ثم يرى الثواب ثم ترد إليه فيخير بين أن ترد إليه أو يلحق" فكنت قد حفطت ذلك منه فإني لمسندته إلى صدري فنظرت إليه حتى مالت عنقه فقلت: قد قضى قالت: فعرفت الذي قال: فنظرت إليه حتى ارتفع ونظر فقالت: إذا والله لا يختارنا فقال: مع الرفيق الأعلى في الجنة {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: 69] إلى آخر الآية وفي صحيح ابن حبان عنها قالت: أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجري فجعلت أمسحه وأدعو له بالشفاء فلما أفاق قال: "لا بل أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل" وفيه وفي المسند عنها: أنها كانت ترقيه في مرضه الذي مات فيه فقال: "ارفعي يدك فإنها كانت تنفعني في المدة" قال الحسن لما كرهت الأنبياء الموت هون الله عليهم بلقاء الله وبكل ما أحبوا من تحفة أو.