ثم وصلت القضية إلى فصل الخطاب، فقال تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61].
قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ) أي: في عيسى.
(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي: هذا القرآن.
(فَقُلْ) أي: قل لهم.
(تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام على يقين من ربه، وعلى يقين من الحق الذي يدعو إليه، وفاطمة أحب بناته إليه، وعلي زوجها، فدعا صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلياً والحسن والحسين، هؤلاء أربعة وهو الخامس عليه الصلاة والسلام، فواعد النصارى وأتى بأهل بيته، وقال لـ علي وفاطمة والحسن والحسين: (إذا أنا دعوت فأمنوا)، فقدموا وقدم وفد النصارى، وقد كانوا قرابة خمسة أو ستة، وكان عندهم شيء من العلم، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم والوجوه الطاهرة التي معه قال بعضهم لبعض: إن هذه الوجوه لو سألت الله أن يزيل الجبال لأزالها، فامتنعوا عن المباهلة.
قال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]، فخرجوا من عنده من المدينة، واتفقوا معه على صلح وعلى أن يبعثوا له كذا وكذا.