قال الله جل وعلا: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ * إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:58 - 59].
كلمة (مثل) هنا ليس المقصود بها المثل المعروف الذي يضرب، فيقال: ضرب مثل، بل المقصود بكلمة (مثل) هنا الحال والصفة، والمعنى أن حالة عيسى وصفته عند الله كصفة آدم، فالنصارى تقول: إن عيسى ابن الله، بدلالة أنه ولد من غير أب، فجاء القرآن وقال: لو كانت المسألة بهذا المفهوم؛ لكان آدم أولى بالبنوة من عيسى؛ لأنه إن كان علة النبوة أن عيسى لا أب له؛ فإن آدم لا أب له ولا أم، فليست القضية بهذا المنطق، فالله جل وعلا ينزه عن الصاحبة والولد، وهو مقدس لم يلد ولم يولد، قال الله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران:59]، والمخلوق من تراب هو آدم، وقد مر بثلاث مراحل، فخلق أولاً من التراب، ثم مزج التراب بالماء فأصبح طيناً، ثم ترك الطين فأصبح فخاراً، وبكل ورد القرآن، قال الله: (من تراب) وقال الله: (من طين) وقال الله: (من صلصال كالفخار).
يقول الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران:59 - 60].
قوله تعالى: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي: يا محمد.