وهذه الآية لها فوائد ودلائل، ومن أعظم ذلك فضيلة هؤلاء الأربعة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلل الحسن والحسين وفاطمة وعلياً بكساء وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مقام عظيم، وأهل السنة -سلك الله بنا وبكم سبيلهم- لا يغلون فيهم ولا يجفون عنهم، وهذا هو المذهب الحق، ولكن ليس كل أهل السنة يصنعون هذا، فمن الناس من هو من أهل السنة حقاً، لكن فيه جفاء لأهل البيت، ومن الناس من يغلو فيهم، ودين الله بين الجافي عنه والغالي فيه.
ولذلك يروى عن أحمد بن حنبل الإمام المعروف رابع الأئمة الأربعة ظهوراً أنه جلده المعتصم وآذاه، وكان المعتصم من ذرية العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يقول: عفا الله عني وعن المعتصم، وجعلت المعتصم في حل.
فيقال له: لم تفعل ذلك يا أبا عبد الله؟! قال: إنني لأستحي من الله أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبيني وبين أحد أبناء عمومته خصومة.
ولا ريب في أن أبناء العمومة من آل بيت رسول الله، ولكنهم ليسوا في منزلة علي وفاطمة والحسن والحسين، فهؤلاء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم (قام في الليل فسقى الحسن ثم سقى الحسين)، وهو رأس الملة وإمام الأمة صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لا يستنكف ولا يستكبر عن أن يسقي هذين الصغيرين في الليل، فسقاهما فتنبهت أمهما فاطمة وكانت حجرة علي وفاطمة قريبة من حجرة عائشة، فقال صلى الله عليه وسلم لـ فاطمة: (إنك وهذين -وأشار إلى الحسن والحسين - وهذا الراقد -وأشار إلى علي - وأنا لفي مكان واحد -أو في مقام واحد- يوم القيامة) وهذا كله يدل على فضيلة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.