فامتثل أصحابه أمره، ونقلوا أقواله وأفعاله، ونومه ويقظته، وغير ذلك.
ثم إن من بعد الصحابة تلقوا ذلك منهم، وبذلوا أنفسهم في حفظه وتبليغه، وكذلك من بعدهم إلا أنه دخل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قوم ممن ليس له أهلية ذلك وتبليغه، فأخطأوا فيما تحملوا ونقلوا، ومنهم من تعمد ذلك، فدخلت الآفة من هذا الوجه.
فأقام الله طائفة كثيرة من هذه الأمة للذب عن سنة نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتكلموا في الرواة على قصد النصيحة، ولم يعد ذلك من الغيبة المذمومة، بل كان ذلك واجبا عليهم وجوب كفاية.
ثم ألف الحفاظ في أسماء المجروحين كتبا كثيرة، كل منهم على مبلغ علمه، ومقدار ما وصل إليه اجتهاده، ومن أجمع ما وقفت عليه في ذلك كتاب: الميزان الذي ألفه الحافظ أبو عبد الله الذهبي.
وقد كنت أردت نَسْخَهُ على وجهه فطال عليَّ، فرأيت أن أحذف منه أسماء من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضُهم، فلما ظهر لي ذلك، استخرت الله تعالى، وكتبت منه ما ليس في تهذيب الكمال.