قال الخطيب: أقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما وقد زعم قوم أن عدالته تثبت بذلك وهذا باطل لأنه يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالته فلا تكون روايته عنه تعديلا له، وَلا خبرا عن صدقه.

كيف وقد وجد جماعة من العدول الثقات رووا، عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها، عن ذكر أحوالهم مع علمهم بأنهم غير مرضيين وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب مثل:

قول الشعبي: حَدَّثَنا الحارث وكان كذابا.

وقول الثوري: حَدَّثَنا ثوير بن أبي فاختة وكان من أركان الكذب.

وقول يزيد بن هارون: حَدَّثَنا أبو روح وكان كذابا.

وقول أحمد بن ملاعب: حَدَّثَنا مخول بن إبراهيم وكان رافضيا.

وقول أبي الأزهر: حَدَّثَنا بكر بن الشرود وكان قدريا داعية.

قلت: وقد روى هؤلاء كلهم في مواضع أخر عمن سمي ساكتين، عن وصفهم بما وصفوهم به فكيف تكون رواية العدل، عن الرجل تعديلا له لكن من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة فإنه إذا روى عن رجل وصف بكونه ثقة عنده كمالك وشعبة والقطان، وَابن مهدي وطائفة ممن بعدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015