ولم يذكر الثاني. ولكنكة الهندي في كتبها ذكر طالع الحسن بن علي رضي الله عنهما وطوالع سائر الخلفاء والملوك والأمراء، ولم أدر أنه كيف وقع لهما السهو والنسيان في أمثال هذا، وأن الحسن رضي الله عنه أشهر من أخيه رضي الله عنه وأكبر سناً منه، وهو مقدم أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها.
هو أبو عبد الله الحسين، أمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فهو ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وحافد عمه وقرة عينه وريحان قلبه.
وكانت عائشة تقول: سمعت رسول الله عليه السلام وهو يقول: الحسين ريحانة قلبي. وكانت عائشة إذا رأته قالت: السلام عليك يا ريحانة رسول الله.
ولادته كانت في ليله الخامسة من شعبان سنة أربع من الهجرة.
وحملت به فاطمة بعد ولادة الحسن بخمسين يوماً، وأمر النبي صلى الله عليه وآله بأن يحلق شعره وتصدق بوزنه فضة وعق عنها كبشاً.
وطالعه كما ذكر السهائي وكنكة الهندي، كما في هذه الزائجة، والله أعلم.
والتفاوت بين ولادة أبيه وبين ولادته من السنين القمرية. من شبه كان شبه برسول الله صلى الله عليه وآله من سرته إلى قدميه. وكان أبيض اللون، أبلج، مفلج الأسنان، معتدل القامة.
وقيل: إنه إذا قعد في موضع مظلم يهتدى إليه، لبياض جبينه ووجهه ونحره، وقد وخطه الشيب حين قتل رضي الله عنه.
وقتل يوم الجمعة عاشر المحرم سنة إحدى وستين. وقيل: قتل يوم السبت. والأول هو الأصح. وقيل: يوم الإثنين فهو خطأ، وهو قول العوام، لأن أصحاب التواريخ اتفقوا على أن أول المحرم في هذه السنة يوم الأربعاء.
واختلف الناس في اسم أم زين العابدين رضي الله عنه، فذكر أبو حيان التوحيدي هي ابنة كسرى يزد جرد شهريار ومعها أختها، فدخلتا على عمر بن الخطاب، فكلمها عمر، فردت إليه الكبرى كلاماً غليظاً، فغضب منها عمر.
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أشهد من حضر أن حقي وحق أهل بيتي منهما حلال لله ورسوله، فوثب من حضر من الأنصار فقالوا: وحقوقنا منهما لله ورسوله كما قال.
فقال عمر لعلي رضي الله عنه: ما أردت بهذا؟ فقال علي رضي الله عنه: لأنهما ابنتا ملك العجم، ومثلهما لا يسترق.
فقال عمر: فما الحكم فيهما؟ فقال من حضر من فقهاء الصحابة: تختاران لأنفسهما زوجان.
فقيل لإحداهما: اختاري لنفسك، فقالت: أريد أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقيل: لها: اختاري علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت: لا جور من نفسي أن أجلس على مكان قامت منها فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
فقيل لها: اختاري الحسن رضي الله عنه، فقالت: هو منكاح ومطلاق ونحن بنات الملوك لا نحتمل العترة.
فقيل لها: الحسين رضي الله عنه فقالت: أما هذا فنعم. وكان الترجمان بينهم سلمان الفارسي، فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسترها بردائه. واختارت الأخرى محمد بن أبي بكر.
فقال للكبرى منهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما قول أبيك حين انهزم وسلب عنه ملكه؟ فقالت قال أبي يزدجرد: إذا انتهت المدة إلى غايتها كان الحتف في التدبير.
وقيل: اسم الكبرى شهربانوية، واسم الصغرى ماه ملك أم القاسم بن محمد بن أبي بكر.
قال العيني: اسم أم زين العابدين رضي الله عنه سلافة. وقال غيره: غزالة. وقال القاضي أبو الحسن الجرجاني: اسمها جدا.
وقال عبد الله بن مصعب بن الزبير وكان نسابة: اسمها حلوة. وقال إبراهيم الجندي: اسمها سلامة وقال أبو عبيد: اسمها سلافة. وقال أبو الحسن محمد بن القاسم التميمي: اسمها شاه آفريد.
وقال زبير بن بكار وهشام بن محمد: اسمها شهربانوية. قال الواحدي: اسمها في العجم شهربانوية، فإذا صارت إلى العرب سموها سلافة. ومما يدل على أنها بنت يزدجرد شهريار قول الشاعر:
وإن امرءاً ما بين كسرى وهاشم ... لا فضل ما نيطت عليه التمائم
هذا هو الاختلاف في اسمها، والاختلاف وقع في أمها حرة أم أم ولد، وفي تاريخه أيضاً.