وفتح الفتوح المذكورة، وعمارة البلدان المعطلة.

العفو احتمال الذنب الذي لا يكون عن عمد، ولا يقصد بحد، ولا ينقض سنة، ولا يولِّد جرأةً. فأما الذنب الذي يرتكب عمداً، ويوجب جراءةً «1» -:

فالاحتمال له ترخيصٌ في الذنوب، والتجاوز عنه إبطالٌ للحدود، وذلك مما لا تحتمله السياسة، ولا تطلقه الشريعة. فلا يكونن عفوك وتجاوزك وحلمك وإغضاؤك سبباً للجراءة عليك، وعلةً للإساءة إليك. فإن الناس رجلان:

عاقلٌ يكتفي بالعدل والتأنيب، وجاهلٌ يحوج إلى الضرب والتأديب، فمن عفا عمن «2» يستوجب العقوبة، كمن عاقب من يستوجب المثوبة.

إذا عقدت فأحكم، وإذا دبَّرت فأبرم، وإذا قلت فاصدق، وإذا فعلت فارفق. ولا تستكف إلّا الكفاة النصحاء، ولا تستبطن إلا الثقات الأمناء. وإذا استكفيتهم شغلاً، أو وليتهم أمراً-: فأحسن الثقة بهم، وأكد الحجة عليهم، ولا تتهمهم فيه، ولا تعارضهم في توليه، ما لم يعدلوا «3» عن نصح وأمانة، ولم يقصروا عن ضبط وكفاية. فإن رأيت منهم عذراً «4» ، أو تبينت منهم عجزاً-: فاستبدل بهم، واستوف مالك عليهم، ولا تقلد منهم أحداً، ولا تعتمد عليهم أبداً. فمن عارض مع الاستقلال والأمانة، قبض كُفاته وعمَّاله. ومن قلد مع العجز والخيانة، ضيَّع ماله وأعماله.

تجرَّع من عدوك الغُصَّة، إلى أن تجد الفرصة، فإذا وجدتها فانتهزها قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015