أن يفوتك الدرك، أو يعينه الفلك، فإن الدنيا دولٌ تقلبها الأقدار، ويهدمها «1» الليل والنهار.

تفقد أمر عدوك قبل أن يمتد باعه، ويطول ذراعه، وتكثر شكته «2» ، وتشتد شوكته. وعالجه قبل أن يعضل»

داؤه، ويصعب دواؤه. فكل أمرٍ لا يداوى قبل أن يعضل «4» ، ولا يدبر قبل أن يستفحل-: يعجز عنه مداويه، ويصعب تداركه وتلافيه. ولا تشغل نفسك بإصلاح ما بعد عنك، حتّى تفرغ من إصلاح ما قرب منك.

اعلم أن السعاية نارٌ، وقبولها والعمل بها دناءة، والثقة بأهلها غباوة. لأن الذي يحمل الساعي على سعايته قلة ورع، أو شدة طمع، أو لؤم طبع، أو طلب نفع. فأعرِض عن السعاة، وعدَّهم من جملة العداة، لأنهم يفسدون دينك، ويزيلون يقينك، وينقضون عهدك ونيّتك، ويحنقون خدمك «5» ورعيتك، ويحملونك على اكتساب الآثام، ويعرضونك لاجتلاب الملام.

واعتمد في أعمالك على أهل المروءة، وفي قتالك على أهل الحمية، ولا تباشر الحرب بنفسك، فإنك لا تخلو في ذلك من ملكٍ تخاطر به، أو هُلْكٍ تبادر إليه.

ولتكن مشاورتك بالليل، فإنه أجمع للفكر، وأعون على الذكر، ثم شاور في أمرك من تثق بعقله ووده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015