بذلك قلبه، ويسخط ربه، وينفق عليه ماله، ويكد فيه نفسه ورجاله، ثم يكون من أمره على غرر، ومن حربه على خطر. ولو استعطفه بلطف مقاله، واستصلحه بحسن فعاله، واتخذه ولياً صفياً يشاركه في الخير والشر، ويساهمه في النفع والضر، ويعضده في الأحداث والعوادي، وينجده على الأضداد والأعادي-: لكان أصلح له في دينه ودنياه، وأعود عليه في بدئه وعقباه.

لا تصطنع «1» من خانة الأصل، ولا تستنصح من فاته العقل، لأن من لا أصل له يغش من حيث ينصح، ومن لا عقل له يفسد من حيث يصلح، وذلك مما يعز توقيه، ويفوت تداركه وتلافيه.

وإذا ولّيت فولّ الملئ الوفي الذي يحسن كفايته غناؤه «2» ، ويجمل رعايته وفاؤه، ويعلم بواطن الأمور وظواهرها، ويعرف مواردها الأعمال ومصادرها.

فالولاة أركان الملك، وخُزَّان المِلك، وحصون الدَّولة، وعيون الدعوة، وبهم تستقيم الأعمال، وتجتمع الأموال، ويقوى «3» السلطان، وتعمر البلدان.

فإن استقاموا استقامت الأمور، وإن اضطربوا اضطرب الجمهور.

وأما من يتصل بنسبك، أو يجب حقه عليك-: فأدِم له بِشرك وإقبالك، وأفض عليه برَّك وإفضالك. فتكون قد قضيتَ واجبه، وأمنت جانبه، ووليت العمل من يقيم ميله، ويزيل خلله، ويجنيك ثماره، ويكفيك انتشاره.

وقالوا: الأمور التي يشرف «4» بها المَلِك ثلاثةٌ: سن السنن الجميلة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015