ما بيني وبينه؟! فقال: نعم، فإن الرجل أريحي كريم. فحملته الحال التي هو عليها على قبول ذلك من كاتبه. فدخلا إلى غسان، فقام إليه وتلقاه بالجميل ووفاه حقه. فقال له: الذي بيني وبينك لا يوجب ما أسديته من تكرمة. فقال:

ذاك بحيث تقع المنافسة عليه والمضايقة فيه، والذي بيني وبينك نحن عليه بحالته، ولدخولك داري حرمة توجب لك بلوغ ما رجوته عندي، فاذكر إن كانت لك حاجة. فقص عليه كاتبه القصة. فقال: أرجو «1» أن يكفيكه الله.

ولم يزده شيئاً. فنهض علي بن عيسى، وخرج من عنده آيساً من خيره، نادماً على قصده له. وقال لكاتبه: ما أفدتني بقصد غسان ودخولي عليه إلا تعجيل الشماتة والهوان، وعساه يجد بذلك السبيل إلى التشفي بي. فلم يصل علي بن عيسى إلى داره حتى حضر إليه كاتب غسان ومعه المال على البغال، وبلغه سلامه. وقال: قد حضر [المال] «2» فتقدم بتسليمه، وبكّر إلى دار أمير المؤمنين من غد. فبكر علي بن عيسى فوجد غساناً قد سبقه إلى الدار، ودخل على المأمون ومثل «3» بين الصفين وقال: يا أمير المؤمنين، إن لعلي بن عيسى بحضرتك حرمة وخدمة وسالف أصل، ولأمير المؤمنين عليه إحسان وهو ولي ربه وحفظه، وقد لحقه من الخسران والجائحة «4» في ضمانه ما قد تعارفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015