هيا ارتحلُوا بنا من هذا المكان الذي عصينا الله فيه، فارتحلُوا ما يقاربُ ثلاثة أميالٍ، ونزلُوا هناك في خيمتِهم، ثم اقتربُوا من البحرِ ثانية، فصادُوا سمكة الكنعد، فبقروا بطنها فوجدوا اللؤلؤة في بطنِ تلك السمكةِ، وقالوا: الحمدُ للهِ الذي رزقنا رزقاً طيباً. بعد أنْ بدؤوا يصلُّون ويذكرون الله ويستغفرونه، فأخذوا اللؤلؤة. اهـ.
فانظرْ كيف كان منْ ذي قبل، في وقت معصيةٍ، وكان رزقاً خبيثاً، وانظر كيف أصبح الآن في وقتِ طاعةٍ، وأصبح رزقاً طيباً. {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ} .
إنه لطفٌ اللهِ، ومن ترك شيئاً للهِ عوَّضه اللهُ خيراً منه.
يذكِّرني هذا بقصةٍ لعليٍّ - رضي الله عنه -، وقد دخل مسجد الكوفةِ ليصلي ركعتي الضحى، فوجد غلاماً عند البابِ، فقال: يا غلامُ، احبسْ بغلتي حتى أصلي. ودخل عليٌّ المسجد، يريدُ أن يعطي هذا الغلام درهماً، جزاء حبْسه للبغلةِ، فلما دخل عليٌّ المسجد، أتى الغلام إلى خطامِ البغلةِ، فاقتلعه منْ رأسِها وذهب به إلى السوقِ ليبيعه، وخرج عليٌّ فما وجد الغلام، ووجد البغلة بلا خطامٍ، فأرسل رجلاً في أثرِهِ، وقال: اذهبْ إلى السوقِ، لعلَّه يبيعُ الخطام هناك. وذهب الرجلً، فوجد هذا الغلام يحرِّجُ على الخطامِ، فشراه بدرهمٍ، وعاد يخبرُ علياً، قال سبحان الله! واللهِ لقدْ نويتُ أن أعطيهَ درهماً حلالاً، فأبى إلا أنْ يكون حراماً.