إنَّ في المصائبِ مسائلَ: الصبرَ والقدرَ والأجرَ، وليعلمِ العبدُ انَّ الذي أخذ هو الذي أعطى، وأنَّ الذي سلب هو الذي منح، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .
وما المالُ والأهلون إلا ودِيعةٌ ... ولابدَّ يوماً أنْ تُردَّ الودائعُ
إنَّ منْ مشاهدِ التوحيدِ عند الأذيَّةِ (استقبالِ الأذى من الناسِ) أموراً:
أولُها مشهدُ العَفْوِ: وهو مشهدُ سلامةِ القلبِ، وصفائهِ ونقائِه لمنْ آذاك، وحبُّ الخيرِ وهي درجةٌ زائدةٌ. وإيصالُ الخَيْرِ والنَّفعِ له، وهي درجة أعلى وأعظمُ، فهي تبدأ بكظْمِ الغَيْظِ، وهو: أنْ لا تُؤذي منْ آذاك، ثمَّ العفو، وهو أنْ تسامحهُ، وأنْ تغفرَ له زلَّتهُ. والإحسانِ، وهو: أنْ تبادله مكان الإساءةِ منه إحساناً منك، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ، {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} .
وفي الأثرِ: ((إنَّ الله أمرني أنْ أصِلَ منْ قطعني، وأنْ أعفو عمَّنْ ظلمنِي وأنْ أُعطي منْ حَرَمَنِي)) .
ومشهدُ القضاءِ: وهي أنْ تعلم أنه ما آذاك إلا بقضاءٍ من اللهِ وقَدَرٍ، فإنَّ العبد سببٌ من الأسبابِ، وأنَّ المقدر والقاضي هو اللهُ، فتسلِّمَ وتُذْعن لمولاك.