ومشهدُ الكفارةِ: وهي أنَّ هذا الأذى كفارةٌ منْ ذنوبك وحطٌّ منْ سيئاتِك، ومحوٌ لزلاّتِك، ورفعةٌ لدرجاتِك، {فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} .
من الحكمةِ التي يؤتاها كثيرٌ من المؤمنين، نَزْعُ فتيلِ العداوةِ، {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ، ((المسلمُ منْ سلِم المسلمون منْ لسانِه ويدهِ)) .
أيْ: أن تَلْقَى منْ آذاك بِبِشر وبكلمةٍ لينةٍ، وبوجهٍ طليقٍ، لتنزع منهُ أتون العداوةِ، وتطفئ نار الخصومِة {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} .
كٌن ريِّق البِشْرِ إنَّ الحُرَّ شيمتُهُ ... صحيفةٌ وعليها البِشْرُ عنوانُ
ومنْ مشاهدِ التوحيدِ في أذى منْ يؤذيك:
مشهدُ معرفةِ تقصيرِ النفسِ: وهو انَّ هذا لم يُسلَّطِ عليك إلا بذنوبٍ منك أنت، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} ، {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}
وهناك مشهدٌ عظيمٌ، وهو مشهدٌ تحمدُ الله عليهِ وتشكرُه، وهو: أنْ جعلك مظلوماً لا ظالماً.
وبعضُ السلفِ كان يقولُ: اللهمَّ اجعلْني مظلوماً لا ظالماً. وهذا كابنْيْ آدم، إذ قال خيرُهما: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} .