قال عمرُ: أصبحتُ وما لي مطلبٌ إلا التمتُّعُ بمواطنِ القضاءِ.
ومعنى ذلك: أنه مرتاحٌ لقضاءِ اللهِ وقدرهِ، سواءٌ كان فيما يحلو له أو فيما كان مرّاً.
وقال بعضُهمْ: ما أبالي على أيِّ الراحلتيْنِ ركبتُ، إنْ كان الفقرُ لهم الصبرُ، وإنْ كان الغنى لهو الشكرُ.
ومات لأبي ذؤيب الهذليِّ ثمانيةٌ من الأبناءِ بالطاعونِ في عامٍ واحدٍ فماذا عسى أنْ يقول؟ إنه آمن وسلَّم وأذعن لقضاءِ ربهِ، وقال:
وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ ... أني لريبِ الدهرِ لا أتضعضعُ
وإذا المنيةُ أنشبت أظفارها ... ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وفقد ابنُ عباسٍ بصره فقال - معزِّياً نفسه -:
إنْ يأخذِ اللهُ منْ عينيَّ نورها ... ففي فؤادي وقلبي منهما نورُ
قلبي ذكيٌّ غيرُ ذي عِوجٍ ... وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مشهورُ
وهو التسلِّي بما عنده منَ النَّعِم الكثيرةِ إذا فقد القليل منها.