لا تحزن (صفحة 210)

وبُترتْ رِجْلُ عروة بن الزبيرِ، ومات ابنُه في يومٍ واحداً، فقال: اللهمَّ لِك الحمْد، إنْ كنت أخذت فقدْ أعطيْت، وإنْ كنت ابتليْتَ فقدْ عافيْت، منحتني أربعة أعضاءِ، وأخذت عضواً واحداً، ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت ابناً واحداً. {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} ، {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} .

وقُتل عبدُاللهِ بنُ الصِّمَّةِ أخو دريدٍ، فعزَّى دريدٌ نفسه بعد أن ذكر أنه دافع عنْ أخيهِ قدْر المستطاعِ، ولكنْ لا حيلة في القضاءِ، مات أخوه عبدُالله فقال دريدٌ:

وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبدَّدتْ ... وحتى علاني حالِكُ اللونِ أسودِ

طعان امرئِ آسى أخاهُ بنفسهِ ... ويعلمُ أنَّ المرء غيرُ مخلَّدِ

وخفَّفتُ وجدي أنني لم أقلْ لهُ ... كذبت ولم أبخلْ بما ملكتْ يدِي

ويروى عنِ الشافعيِّ - واعظاً ومعزِّياً للمصابين -:

دعِ الأيام تفعلْ ما تشاءُ ... وطِبْ نفساً إذا حكم القضاءُ

إذا نزل القضاءُ بأرضِ قومٍ ... فلا أرضٌ تقيةِ ولا سماءُ

وقال أبو العتاهيةِ:

كمْ مرةِ حفَّتْ بك المكارِه ... خار لك اللهُ وأنت كارِهْ؟

كمْ مرةٍ خفنا من الموتِ فما متْنا؟!

كمْ مرةٍ ظننا انها القاضيةُ وأنها النهايةُ، فإذا هي العودةُ الجديدةُ والقوةُ والاستمرارُ؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015