نعتني بالبخاري، كيف إذن نقول: إن مسلم يعتني بالألفاظ بدقة، الإمام مسلم يعتني بألفاظ الرواة التي وصلت إليه، الإمام مسلم يعتني بألفاظ الرواة التي وصلت إليه من طريقه، البخاري حافظ، بل هو أحفظ من مسلم، نعم مسلم صنف كتابه في بلده ومع شيوخه، والبخاري ألفه وهو بعيد عن بلده، لكن الإمام البخاري حفظه شهير، لا يدانيه مسلم ولا يقاربه.
إذن نقول: مسلم اعتنى بالألفاظ التي وصلت إليه من طريق الرواة، والبخاري دون هذه الألفاظ التي وصلته من طريق هؤلاء الرواة من غير أن يبين هذه الدقائق، فالمسألة لا تخلو من تدوين ما وصل إلى البخاري من طريق الرواة، ومسلم من طريق الرواة، والرواة في صحيح البخاري ممن يرى جواز الرواية بالمعنى، وفي صحيح مسلم يرون جواز الرواية بالمعنى، إذن الفرق ما هو؟ كوني أنبه على أن اللفظ لفلان أو لفلان، هو لأحدهما، سواءً كان في البخاري أو مسلم، كون مسلم نبه لا يعني أن البخاري يتصرف في رواية الشيوخ، نعم جمع الشيوخ، وكونه ما ميز بين رواية هذا وهذا لا يعني أنه تصرف، فعلى طالب العلم أن يعتني بالبخاري، ثم بعد ذلكم يحفظ زوائد مسلم عليه من الجوامع -جامع الترمذي-.
مسلم نعود إلى شروحه، وشروحه متسلسلة:
أولها: المعلم للمازري، وهو كتاب مختصر، أملاه إملاءً، ثم بعد ذلكم للقاضي عياض إكمال المعلم، والكتاب فيه فوائد كثيرة، ثم للأُبي إكمال إكمال المعلم، ثم للسنوسي مكمل إكمال الإكمال –سلسلة- وكلها لو جمعت ما جاءت مثل فتح الباري، كل الكتب هذه إذا أضفنا إليها شرح النووي، وشروح مختصرات مسلم، كالمفهم للقرطبي، أو السراج الوهاج لصديق وغيرها، يعني مسلم ما وجد من العناية ما وجده صحيح البخاري، لماذا؟ لأن صحيح مسلم يجمع الأحاديث في مكان واحد، فليس بحاجة إلى أن يكرر الشراح الكلام في مواضع متعددة كالبخاري، المتن مجموع في مكان واحد بألفاظ يتحدث عنها الشارح في مقام واحد، ولا يحتاج أن يعيد الكلام في مكان آخر، وهذا سبب الاختصار والإجمال.