وهذا الكلام ليس خاصاً بالسنة، هذا لجميع العلوم، إذا أردت أن تحضر درساً في التفسير، وتعرف طريقة الشيخ أنه في اليوم يشرح آيتين ثلاث، عليك أن تحفظ هاتين الآيتين أو الثلاث، ثم تقرأ في كلام أهل العلم الموثوقين ما يعينك على فهم هاتين الآيتين -الآيتين أو الثلاث- ثم بعد ذلك تذهب إلى الشيخ، وتستفيد ما يزيده الشيخ على ما قرأت، ثم بعد ذلك تذاكر مع إخوانك وزملائك في الدرس، وكل واحد يزيد مما أعطاه الله من العلم على صاحبه، وبهذا يتمكن الطالب من التحصيل.
والشيخ عبد القادر بن بدران في كتاب المدخل قال: إنهم يحضرون عند شيخ درساً في الفقه ويقول: إننا نجتمع خمسة ستة من الأقران قبل الدرس، فنقرأ الدرس جميعاً، ثم نحفظ القدر الذي قراناه، والذي نتوقع أن الشيخ لا يزيد عليه، ثم بعد ذلكم قبل الاطلاع على الشروح كل واحد منا يأخذ ورقة وقلم ويشرح هذا المقروء، المحفوظ، بفهمه، يشرح من تلقاء نفسه، قبل الاطلاع على الشروح، على شان أيش؟
على شان إذا أخطأ في شرحه، ثم قرأ الشرح وتداوله الزملاء فإنه حينئذ يثبت العلم بهذه الطريقة، يقول: نشرح القدر المراد، ثم بعد ذلك نراجع الشروح، فما كان من خطأ نصوبه ونسدده، ثم بعد الشروح نطالع ما كتب عليها من حواشي، ثم بعد ذلكم نذهب إلى الشيخ؛ لنستفيد من علمه ما لا يوجد في الكتب.
وعند الشيوخ ما لا يوجد في الكتب مما أعطاه الله من علوم قدحها بزنده، أو استفادها من كتب ليست مظنة لها، لاطلاعه، ولذا لا يتصور أن يستغني الطالب عن معلم أبداً.
في البلدان التي لا يوجد فيها أحد من أهل العلم يقال: استفد بقدر الإمكان، استفد من الأشرطة، استفد من الإنترنت، استفد من الإذاعات التي تبث العلوم، لا بأس؛ لأن هذه حالة ضرورة، لكن البلدان التي فيها علماء، مثل هذه البلاد المباركة وفيها من أهل العلم والعمل من فيها، نقول: هذه الآلات وهذه الأشرطة مهما بلغت من الصحة والضبط والإتقان لا تغني عن مزاحمة الشيوخ، وهذا الكلام يصلح لجميع العلوم.
ثم بعد ذلكم نأتي إلى ما نحن بصدده، وهو كتب السنة، وتدوين السنة، وترتيب كتب السنة، وفهم كتب السنة، وما يعين على فهم كتب السنة.
كتب السنة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .