ليش؟ لأن صاحب السنن يترجم بحكم شرعي، فيحرص على أن يستدل لهذا الحكم الشرعي بأقوى ما عنده من الأدلة، بينما صاحب المسند يترجم بترجمة صحابي، أحاديث أبي بكر الصديق، فيجمع ما وقف عليه من أحاديث هذا الصحابي؛ لأنه لا يستدل بحكم شرعي، ولذا تأخرت رتبتها، وإن كان مسند أحمد على وجه الخصوص مقدم عند جمع من أهل العلم، ومعتنى به من الحنابلة وغيرهم، يعني الحافظ ابن كثير وهو شافعي المذهب يستظهر بالمسند، وهو شافعي، فشرط الإمام أحمد في مسنده لا يقل عن شرط أبي داود، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية، مع أن شرط أبي داود أقوى من شرط بقية السنن، مسند الإمام أحمد من دواوين السنة الجامعة، نعم ترتيبه على المسانيد عاق الإفادة منه عند كثير من طلاب العلم، يعني لو رتب على الأبواب وترجمت أحاديثه، وقد حصل، رتب من قبل جمع ممن تقدم كابن عروة المشرقي، وأيضاً الساعاتي في الفتح الرباني، وشرح ترتيبه -يعني الساعاتي- بحاشية في أولها تستطيع أن تسميها شرح؛ لكن في منتصفه الثاني، أو قبل المنتصف أيضاً فيه حاشية (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) أيضاً الشيخ عبد الله القرعاوي له ترتيب للمسند اسمه (المحصل) كتاب جيد، يفيد منه طالب العلم.
فأقول: ترتيب المسند على هذه الطريقة جعلت كثير من طلاب العلم لا يعنون به، مع أنه ينبغي أن يكون محط عناية لإمامة مؤلفه ولجمعه، يجمع من الأحاديث ما يقرب من ثلاثين ألفاً، وإن قال المترجمون: أنه فيه أربعين ألفاً؛ لكن واقعه لا يصل إلى الثلاثين.
المقدم: لكن الصعوبة في البحث يا شيخ، الآن كيف يمكن أن يتفقه طالب العلم إذا عنده حديث عن أبي هريرة، وأبي هريرة مكثر -رضي الله عنه- يأتي إلى مسنده في مسند الإمام أحمد، كيف يمكن أن يحصل على الحديث؟
من طريق المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ومن طريق أطراف المسند للحافظ ابن حجر، من طريق كتب الأطراف، ومن طريق المعجم المفهرس.