هذا الكتاب رتبه ابن عبد البر على شيوخ الإمام مالك في موطأه، ولذا يصعب الوقوف على الأحاديث المرادة منه إلا بعد معرفة الشيخ، ثم الشيوخ رتبهم على حروف الهجاء على طريقة المغاربة، وهي أيضاً تختلف عن ترتيب طريقة المشارقة، فالصعوبة من جهتين: من كونه مرتب على الشيوخ، ولو رتب على الأبواب لكان أولى، على ترتيب مالك -رحمه الله- لكن هذه وجهة نظر الإمام ابن عبد البر، تمنينا كثيراً أن يرتب الكتاب على ترتيب الموطأ فخرج له ترتيبات كثيرة، منها أول ما خرج له ترتيب المغراوي، من شيوخ المغرب، وهو ترتيب ابتكره، قدم فيه مسائل الاعتقاد، وعنايته بالعقيدة معروفة، الشيخ المغراوي -حفظه الله-، لكني كنت أتمنى أن يرتب الكتاب على ترتيب الموطأ نفسه، يمشي على أحاديث الموطأ.
المقدم: والشيخ موجود الآن يا شيخ؟
نعم موجود في المغرب، ويأتي كثيراً هنا، فتمنيت أن يرتب على ترتيب الإمام مالك، فالكتاب إما أن يبقى على أصله ترتيب ابن عبد البر، أو يرجع إلى أصل الأصل، وهو ترتيب الإمام مالك -رحمه الله-، فخرج له أكثر من ترتيب بهذه الصفة تحقيقاً لهذه الأمنية، ومن أفضل ما وقفت عليه من هذه الترتيبات ترتيب الشيخ عطية سالم، وله عناية فائقة بالموطأ، وعناية بالإمام مالك على وجه الخصوص، فجاء ترتيبه على الوجه المناسب، وهو من أهل الخبرة بالموطأ، وله معرفة بكتب ابن عبد البر.
المقدم: وخرج؟
إيه طبع قبل ثمان أو تسع سنوات.
المقدم: بعنايته؟
نعم هو الذي رتبه بيده، مشى على الموطأ كل جزء يخرج، واستغرق طباعة الموطأ خمسة وعشرين سنة، طباعة الموطأ استغرقت ربع قرن، الشيخ عطية -رحمه الله- توفي، فالشيخ كلما يخرج جزء يرقم الحديث برقم الموطأ، يرقم الأحاديث ثم بعد ذلك يرتب هذه الأحاديث في دسيات، ثم إذا خرج الثاني أضاف ما فيه من أحاديث على الطريقة التي اتبعها، ثم خرج كتاب التمهيد مرتباً ترتيب الموطأ، وهذا عمل جليل هذا، نعم قد يبدو في ظاهر الأمر أنه ليس بشيء إلا مجرد تقديم وتأخير وترتيب؛ لكنه عمل جيد مفيد يفيد طالب العلم كثيراً.