المقدم: الأخ ماجد يقول: المنهجية في دراسة تراجم الرواة، ويبدو -والله أعلم- أنه فاتته أول حلقة قبل أشهر فما في مانع أن تجيب عليه قبل أن نذكر كتب اللغة؟
طيب رواة الأخبار لا سيما رواة الحديث صنفت فيهم المصنفات الكثيرة، وذكرنا شيئاً منها في الحلقات السابقة، لكن طالب العلم المبتدئ يقلد، وعلى هذا يعتمد أقوال المرجحين، فيقتصر على التقريب أو الكاشف أو اختيارات الخزرجي في الخلاصة، المقصود أن طالب العلم المبتدئ الذي هو في حكم المقلد، هذا شأنه، أما من تأهل للنظر في أقوال الأئمة في الجرح والتعديل، وعرف القواعد التي من خلالها يرجح الراجح من أقوالهم، يتعين عليه أن ينظر في أقول أهل العلم في الراوي جرحاً وتعديلاً، ثم يرجح بين هذه الأقوال حسب القواعد التي قررها أهل العلم.
المقدم: إذاً ندخل في كتب اللغة فضيلة الدكتور.
اللغة العربية التي هي لغة القرآن ولغة سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام-، الاهتمام بها اهتمام بالدين؛ لأنها لغته، فالقرآن بلسان عربي مبين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عربي فلذا كان من الحتم لفهم هذا الدين تعلم هذه اللغة، يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: "الفصل السادس والثلاثون في علوم اللسان العربي: أركانه أربعة: وهي اللغة والنحو البيان والأدب، ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة، إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة، وهي بلغة العرب، ونقلتها من الصحابة والتابعين عرب، وشرح مشكلاتها من لغاتهم، فلا بد من معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان لمن أراد علم الشريعة، يعني كيف تفهم كلام عربي وأنت لا تحسن العربية؟! أسهم العلماء من العرب وغيرهم من الأعاجم، وضربوا في كل فن من فنون اللغة بسهم وافر، ومن الحكم الإلهية أن تكون إسهامات الأعاجم إن لم تكن أعظم في هذا الباب، فإنها ليست بأقل من إسهامات العرب بوجه من الوجوه، لهم إسهامات واضحة، لماذا؟ لأن هذا دينهم، يعني هم مطالبون بفهم الكتاب والسنة كما يطالب العرب فهم مطالبون بفهم العربية، ومن ثم التأليف فيها، علوم العربية التي أهل العلم دونوا فيها، واهتموا بها عبارة عن اثني عشرة فناً مجموعة في قول الشاعر: