أهمية علم الأصول لا يختلف اثنان في أن هذا العلم من أولويات ما يحتاجه طالب العلم لفهم الكتاب والسنة، وكيفية التعامل مع الكتاب والسنة؛ ولكن الوقت صعب، وكتب الأصول تحدثنا عنها في مناسبات كثيرة، وشرحنا عدد منها، فلا يعني هذا أننا لم نذكر رسالة الإمام الشافعي لعدم أهميتها، لا، هي اللبنة الأولى في الباب، وهي التي صيغت بنفس السلف، بينا هذا مرراً وقُرأت علينا أيضاً مراراً؛ لكن مع ذلك الوقت لا يسعف، ونحن بصدد إرشاد طالب علم يبني نفسه من البداية، قررنا مراراً أن طالب العلم يبنى المتون الأصغر، ثم الذي يليه ثم الذي يليه، متن المبتدئين، ثم كيف يقال لطالب مبتدئ: اقرأ الرسالة للإمام الشافعي، ما يمكن؛ لكن طالب العلم المتأهل لا يستغني عن رسالة (الإمام) الشافعي، أيضاً (إرشاد الفحول) للشوكاني ما تعرضنا له، وهو كتاب من أنفس ما كتب، وإن كان في جملته مختصر من (البحر المحيط) الذي يبدو لي أيضاً ما تعرضنا له، أيضاً: (المحصول) وما دار في فلكه، وكتب كثيرة في الأصول ما أسعفنا الوقت، الآن ونحن نتحدث عن كتب التاريخ أنهيناها ولم تنتهِ، يعني قطعناها بترناها بتر، ننظر في كتب اللغة والأدب وما أشبه ذلك.
المقدم: أحد الأخوات تسأل عن البرنامج المكثف في الصيف، وابنها دخل هذا البرنامج المكثف في طلب العلم في دورات مكثفة صباحية ومسائية، تقول: أخشى عليه أن يمل، وتسأل عن توجيهكم عن هذا، هل هو مناسب في الصيف؟
لا شك أن العلم يؤخذ بالتدريج، وبالتخول أيضاً، والإرهاق إرهاق الذهن يبعث على الملل، ثم الترك؛ لكن إذا كانت فترة هذه الدورة المكثفة قصيرة لمدة شهر مثلاً، لا مانع أن يضغط الإنسان على نفسه لمدة شهر، بحيث يكون الشهر الذي يليه أقل؛ ولكن ديدنه وهجيراه وعمره كله مضغوط ما يصح، هذا لا ينفع؛ بل العكس له مردودات عكسية، لا بد للإنسان من راحة ولا بد له من استجمام، ولنفسه عليه حق؛ لكن ضغطه لمدة شهر أو شهر ونصف أو حتى شهرين وبقية السنة بالتدريج ما يضر هذا -إن شاء الله-.