أيضاً طالب العلم قد يخفى عليه وهو ينقل عن فن معين أن لهذا الفن رجاله، وهم يختلفون عن رجال الفنون الأخرى، إذا جاء في كلام أهل اللغة مثلاً ينقل في تعريف لغوي: (وقال أبو حاتم) ثم يترجم لأبي حاتم الرازي، فمضحكة، وهذا خطأ بلا شك، وأبو حاتم السستاني اللغوي معروف، وينقل عن كتب اللغة يقول: (وقال الليث) ثم يأتيك المترجم يترجم لليث بن سعد، وقد يتكايس بعضهم ويقول: إن لم يكن ابن سعد فلا أدري من هو؟ أين أنت من هذه الكتب التي خدمت هذه الأقوال؟ لأنك تجد بعض طلاب العلم بارع في تحديد المبهم والمهمل من رجال الحديث مثلاً، وإذا جاء إلى مثل هذه الأمور أتى بالمضحكات، هذا لا شك أنه خلل في التحصيل، لا بد أن نعرف هذه الأمور؛ لأن جهلها لا يليق بطالب العلم، فقد ننسب كلام لغير قائله، من الأمثلة: جاءني شخص ببحث ناقلاً لكلام نسبه لشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد أخذه من تفسير القرطبي، كيف؟
المقدم: وهذا متقدم وهذا متأخر.
يقول القرطبي: "سمعت شيخنا أبا العباس" "ولقد ناقشت شيخنا أبا العباس مراراً" "راجعت شيخنا أبو العباس مراراً" "قال شيخنا أبو العباس" نعم، يعني نظير ما يقوله ابن القيم بالنسبة لشيخ الإسلام، فالباحث هذا مستصحب أن أبا العباس هو ابن تيمية؛ لكن هل هذا صحيح؟ القرطبي يروي ينقل عن شيخه أبو العباس القرطبي صاحب المفهم، القرطبي المفسر التلميذ توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة، وشيخ الإسلام ولد سنة إحدى وستين وستمائة، أمور كثيرة، وأمثلة عندنا منها الشيء الكثير، تجعل طالب العلم يعنى بهذا الباب أشد العناية.