أما التفسير فله أهمية كبرى وسنكون دائما في حاجة للرجوع إليه، ولكن لنجعل له وقتا آخر غير الوقت الذي المخصص لتلاوة القرآن، وذلك لتصحيح فهم خاطئ أو معرفة حكم من الأحكام الشرعية، فبديهي أن تدبر القرآن ليس معناه استنباط أحكام منه فهذه وظيفة العلماء. وتاريخ الأمة يشهد بانحراف البعض ممن استنبطوا أحكاما شرعية من القرآن مباشرة دون أن يكونوا مؤهلين لذلك.
الوسائل السابقة من شأنها أن تُهيئ العقل لحسن التدبر وفهم المراد من الآيات، ولكن ليس هذا فقط هو المطلوب من القرآن، فنحن نريد التغيير المتكامل في العقل والقلب والنفس، وهذا يستدعي - بجوار الفهم - التأثر والانفعال بالآيات والتجاوب معها.
فإن قلت التأثر والانفعال ليس بيدي، فقد أستطيع أن أُلزم نفسي الوسائل السابقة من انشغال بالقرآن والجلوس في مكان هادئ لتلاوته، وعدم السرحان، والتجاوب مع القراءة وفهم المراد من الآيات، أما أن أجعل قلبي يتجاوب وينفعل مع القرآن فهذا أمر لا أقدر عليه.
نعم، كلنا كذلك، وبخاصة أن قلوبنا قد أحاطتها حُجُب الغفلات، ولكن بالمداومة على الوسائل السابقة والمثابرة عليها وبخاصة التهيئة القلبية، ستأتي بلا شك لحظة أو لحظات تجد فيها آية من الآيات التي نقرؤها منفذا وطريقا يدخل منه نورها إلى القلب، فيؤثر في مشاعره ليحدث التجاوب والانفعال ومن ثم زيادة الإيمان.
قد يتم هذا الأمر بعد مرور عدة أيام من بداية عودتنا إلى القرآن ومع آية واحدة فقط في كل ما نقرأ، فماذا نفعل عند حدوث ذلك؟
علينا أن نستثمر الفرصة التي جاءتنا أحسن استثمار، فهذه اللحظات من أهم لحظات حياتنا .. مواسمنا وأعيادنا، ولم لا وأوقات حياة القلب هي أوقت الحياة الحقيقية، وبها يُقاس عمر الإنسان الفعلي.