فإن كان الأمر كذلك فلنعمل على دخول أكبر قدر من النور إلى القلب، من خلال ترديد تلك الآية مرات ومرات طالما وُجد التجاوب، ولقد كان هذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

لو علم الناس!!

يقول ابن القيم: فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لانشغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية هو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة، ولو ليلة .. فقراءة آية بتفكر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف: يُردد احدهم الآية حتى الصباح.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح، وهو قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة/118].

فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب، ولهذا قال ابن مسعود: لا تهُذُّا القرآن هذَّ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.

إذن فهذه الوسيلة - ترديد الآية التي تؤثر في القلب - لَمِن أهم وسائل التغيير القرآني فبالإضافة إلى فائدتها العظمى في زيادة الإيمان وطرد الهوى من القلب، فإن لها كذلك فائدة أخرى تتحقق من خلال تكرارها حيث إن هذا التكرار يؤدي إلى ترسيخ معناها في العقل الباطن مما يُساعد في بناء اليقين الصحيح.

فإذا ما واظبنا على ذلك فستزداد بمرور الوقت عدد الآيات التي تؤثر في القلب مع كل تلاوة أو سماع للقرآن، فيزداد بذلك الإيمان أكثر وأكثر، ويتنور لقلب حتى تدب الحياة في جميع جنباته ليصبح قلبا حيا سليما خاشعا لربه خاضعا له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015