ومن أجل هذا الهدف، اختير الزعماء المطلوبون بعناية. اختيروا كلهم من العسكر! وليس كل العسكر صالحين لهذه المهمة الخطيرة، فلا بد أن تتوافر فيهم شروط ثلاثة رئيسية، ولا بأس بعدها بأية إضافات: جنون السلطة، وقسوة القلب، وكراهية الإسلام. احتذاء للنموذج الأول - المعتمد عندهم - كمال أتاتورك!
وحين توجد هذه الصفات في شخص معين، فسيتجه تلقائياً لضرب الحركة الإسلامية، وبالعنف المطلوب! ومع ذلك فلم تكن الأمور تترك للمصادفة، وإنما كانت تدرس وتدبر للإيقاع بالحركات الإسلامية، (?) وقتل زعمائها وقادتها، واعتقال الألوف من شبابها، وتعذيبهم بألوان من الوحشية تقشعر لها الأبدان. وهنا تبدو ((الحكمة)) ! من اختيارهم من العسكر لا من المدنيين، فمع العسكر يمكن تسويغ كل شيء وتمريره، الأحكام العسكرية، والمحاكم العسكرية، وعنف البطش، وصرامة الإجراءات. أما لو كانوا مدنيين فلن تكون لهم تلك الجرأة في الإجرام، ولا تلك القوة في الانتقام، ولا ذلك العنف، ولا ذلك الإرهاب.
ومضت المذابح تقام للمسلمين في كل بلد تولى العسكر فيه السلطة، ولا يمكن أن يكون ذكر بالمصادفة بطبيعة الحال! كان عن قصد وتخطيط وتدبير، وعرفت المنطقة أشكالاً من التعذيب الوحشي لا مثيل لها في التاريخ، إلا ما كان من محاكم التفتيش في الأندلس، التي كان هدفها القضاء الكامل على الإسلام. وتوالت الضربات، فما تمر بضع سنوات - وأحياناً بضعة شهور - حتى تكون قد أقيمت مذبحة هنا أو مذبحة هناك، تتجاوب أصداؤها في العالم كله، وترقص لها الصليبية الصهيونية طرباً، وتفرك أيديها سروراً بنجاح (الأولاد) في أداء المهمة التي كلفتهم بها (الأم) الرءوم!
وتولد عن هذا الوضع المؤلم تياران في صفوف الحركة، مختلفان - بل متضادان - في الاتجاه، أحدهما تيار الشباب الذي استفزه ما يقوم به العسكر من إرهاب