باختصار لقد كان الذي تخشاه الصليبية والصهيونية، وتسعى لمنعه بكل الوسائل، هو حدوث صحوة إسلامية، فهذه هي التي لا تفاهم معها، ولا التقاء في وسط الطريق. والتي يعرف الأعداء جيداً مدى خطرها على مصالحهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (البقرة: 146) .

وحين بدأت الحركة الإسلامية على يد الإمام الشهيد، كان العالم الصليبي والصهيوني يرقبها بتوجس ظاهر، ويحاول أن يتعرف على مدى خطورتها. كتب المستشرق البريطاني جب- والمستشرقون هم جهاز الاستخبارات الثقافي للصليبية الصهيونية- كتب كتاباً بعنوان: ((الاتجاهات الحديثة في الإسلامin lslam mopern trends)) ، ظهرت طبعته الأولى عام 1936م، يتحدث فيه عن حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ويمتدحها بحماسة ظاهرة، ولكنه عقب في أحد هوامش الكتاب بالتعقيب الآتي: ((ظهرت بعد ذلك جماعة جديدة تسمى جماعة الإخوان المسلمين، يتزعمها رجل يسمى حسن البنا، ومن السابق لأوانه الحكم على هذه الجماعة، وإن كان من الظاهر أنها ذات خطورة خاصة)) .

وواضح في هذا التعليق مدى التوجس، والرغبة في سبر غور هذه الجماعة ذات الخطورة الخاصة!

كانت الخطورة الخاصة تتزايد بطبيعة الحال في نظر الصليبية الصهيونية كلما تزايدت الجماهير الملتفة حول الدعوة الجديدة، التي تتحرك باسم الإسلام، ويتجمع الناس حولها باسم الإسلام. ولكن الصليبية الصهيونية لم تكن تبينت بعد ما يجري في داخل الجماعة، من إعداد خطير غاية الخطورة، إعداد جنود للدعوة، مستعدين أن يموتوا في سبيل الإسلام!

ولكن القنبلة انفجرت عام 1948، وانفجرت في أخطر موقع يمكن أن تنفجر فيه، وفي أخطر موعد يمكن أن تنفجر فيه: في فلسطين، في لحظة الإعداد لإنشاء الدولة اليهودية.

وكان دوي الانفجار أعظم بكثير، وأخطر بكثير مما قدره أصحاب الدعوة في ذلك الحين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015