يؤدونها تقليداً أكثر مما يؤدونها أداء حياً واعياً، يربط الإنسان بمنهج حياة متكامل، يشمل الحياة كلها: عبادتها وعملها، سياستها واقتصادها، روابطها الاجتماعية وروابطها الفكرية كلها في آن.

كانت عوامل كثيرة قد أثرت في إفساد مفاهيم الإسلام الأساسية في حس الناس، فلم يعودوا على وعي بها في صورتها الصحيحة التي أنزلت بها من عند الله، ووعاها ومارسها الجيل الأول رضوان الله عليهم، والأجيال التي تلته.

كان الفكر الإرجائي قد أخرج العمل من مسمى الإيمان،! وزعم أن الإيمان هو التصديق والإقرار لا أكثر! وأن من قال: لا إله إلا الله فهو مؤمن، ولو لم يعمل عملاً من أعمال الإسلام!

وكان الفكر الصوفي قد حول الإسلام إلى سبحات روحية، وأوراد وأذكار، وهيام وجداني لا يتحرك في واقع الأرض، ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، ولا يقوم بجهاد، فضلاً عن الخلل العقدي في عبادة الأضرحة والأولياء والتقدم إليها بألوان من العبادة لا تجوز لغير الله.

وكان الاستبداد السياسي منذ بني أمية، فبني العباس، فالمماليك، فالعثمانيين، قد صرف الناس عن الاشتغال بالأمور العامة، ووجههم إلى الاهتمام بشئونهم الخاصة، وحصر مفهوم العبادة في الشعائر التعبدية، والفضائل الفردية التي لا تتدخل في شئون المجموع.

وتحول التوكل إلى تواكل سلبي دون الأخذ بالأسباب، وتحولت عقيدة القضاء والقدر إلى تخاذل وتقاعس، بعد أن كانت عقيدة إقدام وجرأة في مواجهة الأعداء والأحداث: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} (التوبة: 51- 52) .

وانفرج الطريق بين العمل للدنيا والعمل للآخرة، بعد أن كان طريقاً واحداً أوله في الدنيا وآخره في الآخرة: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015