تعرضه عليهم على حقيقته يستوحشون منه، ويقولون لك: من أين جئت بهذا؟ ليس هذا هو الإسلام الذي نعرفه!

حين نقول للطائف حول الضريح، يتمسح به، ويطلب البركات من صاحبه المتوفى منذ سنين أو منذ قرون: أن هذا شرك لا يجوز! يقول لك: من أين جئت بهذا؟ إنك أنت الذي تريد أن تجرد الإسلام من روحانيته!

وحين تقول لمن يشرع بغير ما أنزل الله، ولمن يرضى بشرع غير شرع الله: هذا شرك. يقول لك: من أين جئت بهذا؟ هذا تطرف وجمود ورجعية! الدنيا تطورت! أو يقول لك على أقل تقدير: شرك دون شرك! شرك لا يخرج من الملة!

وحين تقول لأستاذ علم الاجتماع، وأستاذ علم النفس، وأستاذ التربية، وأستاذ التاريخ.. إن ما درستموه من علوم الغرب، وما تدرسونه لطلابكم مخالف للمفاهيم الإسلامية، وفي بعض الأحيان مصادم مصادمة صريحة للعقيدة، يقولون لك- إلا ما رحم بك-: ما للإسلام وهذه الأمور؟ تريدون أن تحشروا الإسلام في كل شيء؟ هذا علم، والإسلام دين! والدين لا دخل له بالعلم!

ومئات من الأمور. حين تعرض حقيقة الإسلام فيها للناس يستوحشون، وفي أقل القليل يستغربون، وتحتاج إلى جهد كبير لإقناعهم بأن هذا هو ما جاء من عند الله، وليس ما تصوروه هم على أنه الإسلام!

وذلك كله في مجال ((المعرفة)) . أما مجال الممارسة فالجهد المطلوب فيه قد يكون أشد!

إن المعرفة وحدها لا تكفي، وإن كانت هي البداية التي لا بد من البدء بها قبل كل شيء، وقد كانت الكلمة الأولى التي بدأ بها الوحي هي كلمة {اقْرَأْ} ، (?) ثم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فترة قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (?) . والعلم- كما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم- ليس مجرد المعرفة، إنما هو المعرفة التي تؤدي إلى العمل، ومن ثم انتقلت المعرفة من طور التعرف على الحقيقة إلى طور العمل بمقتضاها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015