كيف ندعو الناس (صفحة 171)

في ذهنهم بغيرها من القضايا التي تلبست بها بالفعل، وكان سيصعب على الطغاة تطويع الجماهير لهم من خلال القهر مرة ومن خلال وسائل الإعلام المزيفة مرة، حين تستبين سبيل المجرمين بتفصيل الآيات، على المنهج الرباني القويم، ويعرف الناس على أي أساس يقررون مواقفهم: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (الأنعام: 55) .

* * *

الذي حدث بالفعل كان على خلاف ذلك.

تأخر الإعلان عشرين سنة كاملة عن موعده، وفي تلك السنوات كانت الجماهير كثيرة قد تدفقت على الحركة غير مستشعرة بما يحيطها من أخطار! واختلطت الدعوة، وهي لم تخلص بعد للا إلا إله إلا الله، بكثير من القضايا السياسية والقومية والاجتماعية، على ظن من القائمين بالدعوة أن هذا سيمكن للدعوة بتوسيع قاعدتها الشعبية، وأن الجماهير يجب أن تشرك في الأمر، وذلك بتناول القضايا التي تشغل بال الجماهير في ذلك الوقت، حتى كانت القنبلة التي فجرت الموقف كله في فلسطين عام 1948م.

عندئذ بدأ الهجوم الوحشي على الحركة بأبشع صورة يمكن أن تخطر على البال.

نعم كانت الحرب على الدعوة متوقعة، لأنها كما قلنا سنة من سنن الله، وكان الإمام الشهيد يقول لأعوانه وأتباعه: ((أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس، ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية، وستجدون أمامكم كثيراً من المشقات، وسيعترضكم كثير من العقبات، وفي هذا الوقت وحده تكونون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات)) (?) .

ولكن الصورة التي تمت بها الحرب لم تكن تخطر على البال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015