كيف ندعو الناس (صفحة 163)

والتوعية مطلوبة مرة أخرى لمعرفة مكائد الأعداء ومخططاتهم للقضاء على الإسلام. وكثير من الناس - من الدعاة أنفسهم - لا يتابعون ما يحدث على الساحة، وما يجد من مؤامرات، اعتماداً على معرفتهم العامة بأن اليهود والنصارى أعداء، وأنهم لن يكفوا عن الكيد للإسلام! وهذا وحده لا يكفي! وكثير مما تستدرج إليه الجماعات الإسلامية من المواقف التي لا تخدم الدعوة سببه هذا الجهل بما يدبره الأعداء من صنوف الكيد، بينما الأعداء - بوسائلهم - يعرفون كل ما يسره الإسلاميون وما يعلنونه، ويتابعونه متابعة دقيقة كل ما يدور في العالم الإسلامي من حركات وأفكار، فيخططون على علم، ونحن فقط نتلقى الضربات!

حقاً إن التوعية الفكرية من ألزم اللوازم للدعوة في وقتها الحاضر، ولكنها وحدها - لا تؤدي إلى شيء حقيقي في واقع الحركة، ما لم تكن زاداً لعقيدة صحيحة وحركة واعية، تزيدها المعرفة وعياً وتبصرها بمزالق الطريق، أما حين تتحول إلى ثقافة - مجرد ثقافة - فهي ترف عقلي لا يغير واقع النفوس.

* * *

التربية الجهادية من لوازم الحركة، فالنفوس الرخوة التي لا تقدر على تكاليف الجهاد لا تصلح لحمل الدعوة، ولا للتحرك في وسط الأشواك، وفي مواجهة الوحوش الضارية التي تفتح أفواهها وتمد مخالبها لتنهش من تطوله من جنود الدعوة، وتفتك به بعد أن تذيقه العذاب الأليم.

ولكن التربية الجهادية - وحدها - لا تكفي لإقامة دعوة، بل لا تكفي حتى لحماية الدعوة من الأعداء، بل كثيراً ما تكون سبباً في ضراوة الضرب من قبل الأعداء حين تنقصها الخبرة السياسية والخبرة الحركية، والوعي بحقيقة المعركة وحقيقة الأعداء، وحقيقة الجهد المطلوب للمواجهة، ونوع الجهد اللازم للصراع. وأخطر ما يقع من الحركات التي تعتمد التربية الجهادية وحدها، أو تركز عليها أكثر من متطلبات التربية الأخرى، أنها تسارع إلى الصدام - أن تستدرج إلى الدخول في صدام - قبل أن تتضح للناس حقيقة القضية، قضية لا إله إلا الله، وقبل أن تستبين سبيل المجرمين كما فصل كتاب الله، فتتعرض الحركة للضرب المميت والناس يتفرجون، ويتاح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015