كيف ندعو الناس (صفحة 155)

ومكمن الخطر علينا. وذلك فضلاً عن دخول اليهود بكيدهم كله في حلبة الصراع، من أجل إنشاء إسرائيل.

ولقد قام الغزو الفكري بما لم يستطع أن يقوم به سلاح آخر مما استخدم من قبل مع المسلمين.

هزم المسلمون أكثر من مرة في التاريخ، ولكن الهزيمة العسكرية لم تؤثر فيهم ولم تجعلهم يتخلون عن عقيدتهم أو يستبدلون بها غيرها.

هزموا أمام الصليبيين، وهزموا أمام التتار، ولكن النداء الرباني كان يملأ قلوبهم: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران: 139) . {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 146-148) .

كانوا مؤمنين، وكانت المعركة في حسهم جهاداً في سبيل الله. فما لبثوا أن تجمعوا بعد تفرق، وعزموا بعد وهن، واستعدوا بعد تفريط، فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

وحتى في عمق الهزيمة لم يخطر في بالهم قط أن أعداءهم خير منهم، فأعداؤهم كفار وهم مؤمنون، وموطن الاستعلاء هو الإيمان بصرف النظر عن النصر أو الهزيمة في ميدان القتال.

أما في هذه المرة فلم يكن هناك استعلاء بالإيمان، بل كانت الهزيمة الروحية أمام الأعداء، فتمكن الغزو الفكري بصورة لا تخطر على البال.

وفي خلال قرن واحد، بل في خلال نصف قرن في بعض الأحيان، تبدلت الأمة تبدلاً كاملاً كأن لم تكن في يوم من الأيام هي أمة الإسلام!

تبدل مصدر التلقي، لم يعد هو الإسلام، لم يعد هو الله ورسوله، إنما صارت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015