في مرحلة من مراحل المسيرة يأتي دور توسيع القاعدة، عن طريق توجيه الدعوة للجماهير، وهذه المرحلة يمثلها في حياة الجماعة الأولى، جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم، دخول أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب في الإسلام، بعد ما كانت القاعدة الصلبة قد تم بناؤها من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم، وهؤلاء هم الذين قال الله عنهم: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} (التوبة: 120) .
وهؤلاء جنود وأعوان، اجتذبتهم الدعوة فدخلوا فيها، وأخلصوا لها، وجندوا أنفسهم للدفاع عنها ضد أعدائها، وليسوا مجرد جماهير منفلتة بلا ضابط، كالذين تسميهم الجاهلية المعاصرة ((رجل الشارع)) ، وهي تسمية صادقة، ما أدري إن كانت جاءت عفواً أم جاءت عن قصد! رجل الشارع هو الإنسان الذي ليست له سمات محددة ولا موقف محدد، ولا اتجاه فكري ثابت! أو هو الإمعة الذي وصفه رسول الله في قوله: «لا تكونوا إمعة، تقولوا: إن أحسن الناس أحسنا، وإن أساءوا أسأنا! ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أو أساءوا ألا تظالموا» (?) . هو الرجل الذي تصنعه وسائل الإعلام، ثم تعود إليه، بعد أن تصنعه بوسائلها، (?) فتسأله عن موقفه، فيكون موقفه بالضبط هو ما أرادته وسائل الإعلام!
ليس هؤلاء الذين توسع بهم القاعدة في المرحلة الأولى من البناء، ولا في أي مرحلة من مراحلها! إنما توسع بجنود مخلصين، يهبون أنفسهم للدعوة، ينافحون عنها بتوجه مخلص إلى الله.