وحين لا نكون متجردين لله بالقدر الكافي يحدث كثير مما يحدث في واقعنا المعاصر!
* * *
الأمر الثاني الذي نريد أن نركز عليه هو الوعي، هو البصيرة التي ورد ذكرها في الآية الكريمة: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف: 108)
البصيرة بالنسبة للقاعدة الصلبة ضرورة لا غنى عنها، لأنها هي التي تقرر مسار العمل الإسلامي، متى نكمن؟ ومتى نتحرك؟ كيف نتحرك؟ ندخل في صدام مع السلطة أم نهادنها؟ أم ندخل في تحالف معها؟ نبدأ ببناء القاعدة أم نتوجه إلى الجماهير؟ وحين نتوجه إلى الجماهير فماذا نقول لهم؟ هل نستغل ((القضايا العامة)) ، قضايا الخبز والبطالة، وارتفاع الأسعار، أم نركز على قضايا التربية وقضايا العقيدة؟ هل نستعرض عضلاتنا أمام أعدائنا أم نعرض عنهم؟ ومن هم أعداؤنا على وجه الدقة؟ هؤلاء المحليون الذين يحاربوننا أم هي الجاهلية العالمية على اتساعها: اليهود والنصارى والمشركون والمنافقون في كل الأرض؟ وعشرات من الأسئلة ومئات لا بد فيها من وجود الوعي السياسي والحركي، ووجود البصيرة، لكي نحاول - قدر طاقتنا - أن نرسم خطة سليمة للحركة تحقق أفضل النتائج الممكنة في الظروف المحيطة.
ولنعلم بادئ ذي بدء، أنه ليس هدف الخطة السليمة حماية أشخاصنا من الأذى، فالجاهلية لا تكف عن الأذى بأي حال، ولا تصبر على دعوة لا إله إلا الله! إنما نحاول ألا تؤذى الدعوة من خلال تصرفاتنا!
وليس هدف الخطة السليمة الوصول إلى السلطة أو إلى شيء من السلطة بالتنازل عن مبادئنا وقيمنا التي هي جزء من ديننا ومن عقيدتنا بحجة ((مجاراة الظروف)) ، أو أن ذلك في صالح الدعوة!
ولنعلم أولاً وآخراً أن الله سنناً لا تتبدل ولا تتحول ولا تجامل ولا تحابى، وأننا إذا تجاهلناها أو توهمنا أننا نستطيع أن نتخطاها فلن نصل في حركتنا إلى شيء!