كيف ندعو الناس (صفحة 132)

من مداخل الشيطان إلى نفوس ذوي المواهب خاصة، فتنة ((الذات)) ، فتنة ((الأنا)) . حين يكون الإنسان جندياً في الصف يكون أبعد عن كيد الشيطان منه حين يبدأ يبرز بمواهبه، وتكون له مكانة خاصة، فهنا يجد الشيطان فرصة أكبر للغواية! وكلما برز الإنسان كانت محاولة الشيطان لإغوائه أشد!

وتكون الفتنة في عنفوانها حين يتهيأ الإنسان لمركز من المراكز القيادية، أو لمركز الزعامة ذاته. هنا يختلط الأمر في كثير من النفوس إذا لم تكن قد تربت على التجرد لله، بين الدعوة وبين ((الأنا)) القائمة بالدعوة.

أنا ممثل الدعوة! أنا الذي تتوفر في الصفات المطلوبة للقيادة! إذن فما يصيب شخصي يصيب الدعوة! وما يريحني وترتاح إليه نفسي هو صالح الدعوة! هكذا يتدسس الشيطان إلى النفوس، فيجعل ذواتنا مركز اهتمامنا ومركز تحركنا.

إن فلاناً يقف في طريقي، يناوئني أو يعارضني، أو لا ترتاح إليه نفسي. إذن فوجوده ليس في صالح الدعوة، بل قد يكون خطراً على الدعوة! لا بد من وقفه عند حده! لا بد من تحجيمه! إن لم يكن الأفضل فصله من الجماعة، لتسير الدعوة في طريقها المستقيم، أي الطريق الذي يكون فيه عزي وجاهي وسلطاني!

آفة من أشد آفات العمل الإسلامي، آفة أدت في الجهاد الأفغاني إلى إهدار دم مليون ونصف مليون شهيد، والعبث بمقدرات أمة، وضياع أمل تعلق به المسلمون في كل الأرض! وما زالت تتسبب فيما يصيب بعض الجماعات من تشقق وتحزب وتشرذم وعداوة وخصام، وإن تلفع الخصام بخلاف على المبادئ أو الخطط أو الأساليب!

حين نكون متجردين لله نحتمل النقد سواء كان لأشخاصنا أو لأفكارنا أو لتصرفاتنا.

ونضرب مثلاً من جماعة الذروة، لا لأننا نعتقد أنه يمكن أن يوجد في عصرنا الحاضر! ولكن فقط لننظر كيف يفعل التجرد لله في نفوس البشر، فيرفعهم إلى تلك الذرى العالية، وهم بعد نشر ما يزالون لم يصبحوا ملائكة، ولا توقع منهم أحد أن يصبحوا ملائكة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015