وحدهما - هما أصحاب الشأن في القضية، والله سبحانه وتعالى لا دخل له، ولا يجوز له في عرف الجاهلية أن يكون له دخل في الأمر، وليس هو سبحانه الذي يمنع ويبيح، وأصبح الولاء والبراء في الله ولله قضية من قضايا التعصب المقيت، لا يتقبلها ذوق العصر، فقد أصبح العالم بفضل وسائل الاتصال كالقرية الواحدة، لا يجوز لأحد أن يشذ عن أعرافها وتقاليدها وأفكارها بحجة من الحجج، والدين خاصة هو أشد الحجج مقتاً وإغراقاً في التعصب المقيت وأصبح.
وأصبح. وأصبح.
وكيف كان ابن تيمية رحمه الله سيقول لو رأى الواقع المعاصر في الغرب، وفي كثير من أقطار الإسلام؟
«بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء» (?) .
ما المطلوب من الغرباء اليوم؟ وما ذلك الشيء العظيم الذي يستحقون عليه هذه الكرامة عند الله؟
إن كل جهد يقوم به الغرباء لإزالة الغربة الثانية للإسلام مأجور عند الله، بنص كتابه الكريم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (التوبة: 120-121) .
ولكن هذا لا يمنع أن يكون للغرباء خطة يسيرون عليها، وأولويات يرتبونها في العمل الذي يقومون به لإزالة الغربة عن الإسلام في واقعه المعاصر.
فهل يصلح العمل بغير قاعدة صلبة تنتقل الدعوة منها إلى الجماهير.
نقول بادئ ذي بدء: إننا لا نطمع - ولا يطمع أحد - في إنشاء قاعدة على مستوى القاعدة التي أنشأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء بالنسبة للقاعدة الصلبة أو القاعدة