ب ـ ومن ذلك حديث «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» (?) فقد فسره ابن خلدون بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , راعى ما كان لقريش في عصره من القوة والعصبية التي يرى ابن خلدون أن عليها تقوم الخلافة أو الملك , قال: «فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اشْتِرَاطَ القُرَشِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ التَّنَازُعِ بِمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ العَصَبِيَّةِ وَالغَلَبِ , عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الكِفَايَةِ , فَرَدَدْنَا إِلَيْهَا , وَطَرَدْنَا العِلَّةَ المُشْتَمِلَةَ عَلَى المَقْصُودِ مِنَ القُرَشِيَّةِ , وَهِيَ وُجُودُ العَصَبِيَّةِ , فَاشْتَرَطَهَا فِي القَائِمِ بِأُمُورِ المُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْمٍ أُولِي عَصَبِيَّةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى مَنْ مَعَهَا لِعَصْرِهَا لِيَسْتَتْبِعُوا مَنْ سِوَاهُمْ , وَتَجْتَمِعَ الكَلِمَةُ عَلَى حُسْنِ الحِمَايَةِ» ... الخ (?).
وهذا المنهج في النظر إلى ملابسات الأحاديث إلى العلل التي سيقت لها , قد سبق به الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - ومن تبعهم بإحسان.
فقد تركوا العمل بظاهر بعض الأحاديث , حين تبين لهم أنها كانت تعالج حالة معينة في زمن النبوة , ثم تبدلت تلك الحال عما كانت عليه.
من ذلك أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم خيبر بين الفاتحين , ولكن عمر لم يقسم سواد العراق , ورأى أن يبقيه في أيدي أربابه , ويفرض الخراج على الأرض , ليكون مَدَدًا دَائِمًا لأجيال المسلمين , وقال في ذلك ابن قدامة: «وَقِسْمَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ كَانَتْ