«لاَ تُسَافِرِ [المَرْأَةُ] إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» (?).

فالعلة وراء هذا النهي هو الخوف على المرأة من سفرها وحدها بلا زوج أو محرم في زمن كان السفر فيه على الجِمَالِ أَوْ البِغَالِ أَوْ الحَمِيرِ , وتجتاز فيه غالبًا صحارى ومفاوز تكاد تكون خالية من العمران والأحياء , فإذا لم يصب المرأة ـ في مثل هذا السفر ـ شر في نفسها أصابها في سمعتها.

ولكن إذا تغير الحال ـ كما في عصرنا ـ وأصبح السفر في طائرة تقل مائة راكب أو أكثر , أو في قطار يحمل مئات المسافرين , ولم يعد هناك مجال للخوف على المرأة إذا سافرت وحدها , فلا حرج عليها شرعًا في ذلك , ولا يعد هذا مخالفة للحديث , بل قد يؤيد هذا حديث عدي بن حاتم مرفوعًا عند البخاري: «يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنْ الحِيرَةِ [تَؤُمُّ] البَيْتَ (أي الكعبة) لاَ زَوْجَ مَعَهَا» (?) (*).

وقد سبق الحديث في معرض المدح بظهور الإسلام , وارتفاع مناره في العالمين وانتشار الأمان في الأرض , فيدل على الجواز , وهو ما استدل به ابن حزم على ذلك.

ولا غرو أن وجدنا بعض الأئمة يجيزون للمرأة أن تحج بلا محرم ولا زوج , إذا كانت مع نسوة ثقات , أو في رفقة مأمونة , وهكذا حجت عائشة وطائفة من أمهات المؤمنين في عهد عمر , ولم يكن معهن أحد من المحارم , بل صحبهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - , كما في " صحيح البخاري ".

بل قال بعضهم: تكفي امرأة واحدة ثقة.

وقال بعضهم: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا وصححه صاحب " المهذب " من الشافعية.

وهذا في سفر الحج والعمرة , وطرده بعض الشافعية في الأسفار كلها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015